Thursday, May 9, 2013

"أحا فشخ".. عن النسويات في بر مصر


عام 1996، كتبت المؤلفة والشاعرة والحكائة الأمريكية إيف إنسلر مسرحية "مونولوجات المهبل" The Vagina Monologues، القائمة على تقمص إيف لعدة شخصيات واقعية وحقيقية تروي من خلالها قصص معاناة النساء في الولايات المتحدة وحول العالم.

تحولت المسرحية إلى حركة نسوية قوية، وتُرجمت لأكثر من 48 لغة، وبدأت النسويات في محاكاة مشروع السرد بطرق وبلاد مختلفة، رأينا منها في مصر مشروع "بصي".

لفت انتباهي أن النسخة الأصلية من المسرحية كانت تحوي قصة أثارت هجوما شديدا على إيف، والتي تتناول فيها قصة مراهقة أمريكية ينشأ بينها وبين سيدة أكبر منها بأكثر من 10 سنوات علاقة جنسية، تصفها برومانسية شديدة، وتتحدث عن الأثر الإيجابي لهذه العلاقة في حياتها.

سبب الجدل بالطبع، هو أن النقاد اتهموا إيف بإضفاء طابع رومانسي على الاغتصاب، فالفتاة المراهقة تصف محاسن علاقتها بامرأة ناضجة.. لو كانت العلاقة بينها وبين رجل، لما اختلاف اثنان أنها علاقة محرمة يجرمها القانون والعرف، وفيها استغلال واضح من الطرف الأكبر سنا لطفلة ليست كاملة النضج.

اضطرت إيف إلى تغيير النص تارة، وإلغائه نهائيا من العرض المسرحي، مبررة ذلك أن مشروع المونولوجات صارت أكبر من "غرورها الأدبي"، وأن القصة رغم أنها حقيقية إلا أن إلغائها ضرورة، في سبيل وصول الرسالة إلى جمهور أوسع سيتجاهل مضمون المسرحية كله بسبب اعتراضه على جزء منها.


أتذكر موقف إيف، كلما رأيت "تلاميذها" في مصر يفعلون العكس بالضبط، فهم يضحون بمساحات هائلة من التواصل مع جمهور أوسع في سبيل حرية استخدام ألفاظ بذيئة.

بداية، ليس عندي أي مشكلة شخصية، ولا تحمر وجنتي خجلا حين تصف صديقة فلان بأنه "بضان"، أو تشتمه بكس أمه. ليس عندي فارق بين أن أسمع "الأحا" من رجل أو فتاه.. لكني، وأفترض هنا أني أتحدث بلسان عدد لا بأس به من الرجال، لست الجمهور المستهدف، فلم أتحرش بامرأة في حياتي، أو أحكم عليها بملابسها أو طريقة حديثها.

أتعجب حقا حين تسرف مدونات وناشطات وكاتبات في استخدام ألفاظ خارجة للحديث عن مكافحة التحرش. الجمهور نوعان، نوع مثلي لن يعبأ بالألفاظ القبيحة، ولكن المقال لن يفيده أو يضره، ونوع آخر سيُصدم من الألفاظ القبيحة لدرجة ستصرفه عن مغزى المقال من الأساس.

المعضلة الثانية في استخدام اللغة البذيئة، هي أن الحركة النسوية دائما، في كل زمان ومكان، ما تعمل بمهمة "شرطي اللغة"، فهن ينتقدن ذكورية اللغة وعنصريتها ويحاولن تعديلها، فتصر النسويات، على سبيل المثال،  استخدام firefighter  وcamera person بدلا من camera man  و fireman

أتعجب جدا حين تكتب ناشطة نسوية أن المؤسسات الدينية "فشخت" الشعب في أفكاره.. واللفظ بين القوسين لفظ جنسي معبر عن الفحولة الذكورية بشكل قبيح وقذر ومتدني.

أتعجب حين تلجأ أخرى لوصف شخص ما بأنه """"معرص، وهو لفظ يُطلق أصلا على الرجل الذي لا يحمي شرف امرأته و"يشكمها".  
كيف من المفترض أن يتعلم المجتمع لغة تحترم المرأة من نساء وقعن في أسر مفردات الرجل الذكورية المتعفنة التي يدعين محاربتها؟

فكرت أن النسويات يحاولن استخدام نفس الألفاظ الذكورية في السخرية منه، وفي توظيفها بشكل مختلف كنوع من إعادة سيطرتهن عن اللغة، مثلما يحاول بعض السود في أمريكا استخدام لفظ Nigger في أغنيات الراب، وهو اللفظ الذي كان يُطلق كنوع من التحقير وإثارة الاشمئزاز العنصري منهم.

سرعان ما نفضت الفكرة من رأسي، فمستوى الكتابات الرديئة لا يشي بفكر عميق أو نقاش موسع لانتقاء الألفاظ... ويبدو أن الحل  أن أتوقف أنا عن قراءة هذا الهراء وأريح دماغي!

6 comments:

  1. احيك فعلا نحن فى حاجة الى لغة العقل والمنطق

    ReplyDelete
  2. كلامك صحيح. فقط أضيف أن هناك كلمات دخلت اللغة واصبحت غير بذيئة مثل كلمة معرص التي تصف من يتشكلون ويتلونون حسب مزاج السلطة القائمة. اللغة كائن متغير بمرور الزمن وتغير الأجيال- والا إيه؟

    ReplyDelete
  3. مهو لو مابيقولوش الفاظ بذيئة مكنش حد اتحرش اكيد يعني حتي لو مش عاجبك وهنكسبكوا حتي لو كنتوا محظوظين
    بلالا
    "يشكمها"
    بديع
    النوع الاخر كسمه ماتشتريش منه
    بيبوظ بسرعة

    ReplyDelete
  4. أستاذة منى: كلامك صح نظريا، لكن الكلمة المذكورة مازالت ليها نفس المعنى.
    أستاذ أحمد صفوت: مافيش أي علاقة بين ألفاظ البنت والتحرش بيها، وأي محاولة للوم المرأة على فعل التحرش هو غباء وظلم وتخلف. الرجل هو من يتحمل خطأ التحرش بنسبة 100%

    ReplyDelete
  5. من بين أدوار العمل الأدبي توسيع حقل اللغة،فلما كانت الحركات النسوية تعيب على اللغة ذكوريتها المفرطة،الأولى أن تبدع مساحة جديدة في اللغة تبرز فيها أنثوية اللغة"المنسية""،لا أن تلغي جانب الذكورة فيها،وهذا أكيد ليس بالألفاظ النابية للذكور .

    ReplyDelete
  6. عموما الرجل يحتقر المرأة التي تستخدم الفاظا بذئية ولو كانت فى صياغ ادبي او وصفي لان الرجل الشرقي تحديدا يعتبر المرأة قمة الادب والاحترام ولا يتوقع منها سوىذلك..

    ReplyDelete